أكد سفير مصر لدي بكين أحمد رزق أن
ثورة الخامس والعشرين من يناير من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة لتعزيز
العلاقات التاريخية المتميزة والمتطورة بين مصر والصين والمتسمة بالنمو
المضطرد وكذلك التعاون المصري- الصيني على صعيد القارة الأفريقية ومنطقة
الشرق الأوسط .
واستعرض السفير أحمد رزق، في حديث خاص
لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في بكين بمناسبة الاحتفال بمرور 55
عاما على بدء العلاقات الدبلوماسية المصرية - الصينية، محاور العلاقات
المصرية - الصينية ومستقبلها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، موضحا أن
مصر هي أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتقيم علاقات
دبلوماسية معها عام 1956، وذلك بعد مرور عام واحد من الاجتماع التاريخي
الذي جمع وقتها، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر برئيس وزراء الصين شو
آن لاي في باندونج، الأمر الذي فتح الباب أمام شقيقاتها من الدول العربية
والأفريقية للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية وإقامة العلاقات الدبلوماسية
معها، وهو ما يعكس الريادة المصرية في محيط مصر العربي والأفريقي، وهو
الأمر الذي يتذكره الجانب الصيني دائما بالتقدير والعرفان.
وأشار السفير المصري في هذا الإطار إلى
إبرام الجانبين اتفاق التعاون الاستراتيجي عام 1999 ثم اتفاق إقامة حوار
استراتيجي على مستوى وزيري الخارجية والذي تم توقيعه في شهر يونيو 2006
خلال زيارة رئيس الوزراء الصيني لمصر، إضافة لآلية التشاور السياسي بين
البلدين التي عقدت آخر جولاتها في يناير الماضي بالعاصمة الصينية
بكين.وأوضح سفير مصر لدى بكين أحمد رزق أن العلاقات المصرية - الصينية تتسم
دائما بالتطور المضطرد بغض النظر عن الظروف، كونها علاقات تتصف بالعراقة
وتتسم بمبادرات المساندة المتبادلة والتعاون والمواقف المبدئية المتوافقة
من قضايا الطرف الآخر، وهو ما يعكسه التشاور بين مصر والصين بشأن مختلف
القضايا العالمية والإقليمية، والتعاون المصري - الصيني في عدد من الأطر
الإقليمية أهمها منتدى التعاون العربي- الصيني، ومنتدى التعاون الأفريقي -
الصيني والذي تتولى مصر رئاسته المشتركة مع الصين.
ولفت السفير أحمد رزق إلى أن الصين،
انطلاقا من تقديرها لمكانة مصر وثقلها ودورها سواء في محيطها الإقليمي
بالشرق الأوسط أو في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي أو في دائرتها الأفريقية
أو على مستوى العالم الثالث، قد حرصت على ترتيب زيارات لعدد من الوفود
الرسمية إلى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير تمثلت في الزيارة التي
قام بها نائب وزير الخارجية الصيني للقاهرة في مارس الماضي حيث التقى بنائب
رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.
وأشار أيضا إلى الزيارة التي قام بها
وزير خارجية الصين إلى مصر مطلع الشهر الحالي والتي التقى خلالها بالمشير
طنطاوي ووزير الخارجية، وعلى المستوى الاقتصادي زار نائب وزير التجارة
الصيني مصر على رأس وفد ضم حوالي 20 من رؤساء كبريات المؤسسات المالية
والاقتصادية والتجارية.
وأضاف السفير أحمد رزق أن الصين رفعت
الحظر على سفر السياح من مواطنيها إلى عدد من المدن المصرية، هي الغردقة
وشرم الشيخ والأقصر وأسوان، معربا عن ثقته في أن الجانب الصيني لن يتردد في
رفع الحظر بشكل كامل بعد انتهاء الأوضاع المؤقتة التي يمر بها الشارع
المصري.
وقال سفير مصر لدى بكين أحمد رزق إنه من
منطلق تميز وتنامي العلاقات الثنائية بين مصر والصين، فإننا على ثقة من
مواصلة الجانبين تعزيز تلك العلاقات مع زيادة المحتوى الاقتصادي لها تماشيا
مع الظروف التي تمر بها مصر وحاجتها لجذب رؤوس الأموال والتدفق السياحي،
وكذلك اجتذاب التكنولوجيا الحديثة والمتطورة واكتساب المعرفة الصينية في
هذه المجالات والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين مصر والصين الذي وصل عام
2010 إلى حوالي 7 مليارات دولار، منها مليار دولار فقط صادرات مصرية، الأمر
الذي يستلزم بذل المزيد من الجهد للعمل على تضيق الفجوة في
الميزان التجاري .
وأشار إلى جهود الجهات المصرية المعنية
والسفارة ومكاتبها الفنية في الصين، للعمل على تضيق تلك الفجوة، حيث من
الصعب إلغاءها بالنظر لتماثل المنتجات المصرية والصينية وما تتمتع به السلع
الصينية من مزايا نسبية، موضحا أن هناك إمكانية لدراسة الجانبين المصري
والصيني تدوير الفائض الذي تحققه الصين في ميزانها التجاري مع مصر في شكل
تمويل مشروعات مشتركة بين الطرفين وجذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى
مصر، بما يوفر العملة الصعبة ويخلق فرص عمل جديدة وينقل التكنولوجيا ويسهم
في تنشيط الصناعات الوسيطة ويخدم مصالح الجانبين.
وأضاف السفير أن الصين تبحث عن الأسواق
الدولية لاستثمار رؤوس الأموال المتوافرة لديها، ومن هذا المنطلق أيضا فإن
مصر تعد أرضا خصبة لمثل هذه الاستثمارات، خاصة وأن مناخ الاستثمار في مصر
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير سيكون أكثر جاذبية، بالإضافة لإمكانيات
السوق المصرية الكبيرة والواعدة.وأوضح سفير مصر لدى بكين أحمد رزق أن مصر
في عهدها الجديد وما يستشرفه المستقبل من آمال كبيرة في بناء مؤسسات
ديمقراطية حقيقية تتسم بالشفافية والنزاهة، أمر يبشر بتدفق كبير
للاستثمارات الأجنبية بما فيها الصينية، حيث اتسمت
الفترة السابقة بعدم يقين خيم على مختلف
مناحي الحياة السياسية والاقتصادية .
وأضاف أن موقع مصر المركزي في الإطارين
العربي والأفريقي يجعل أيضا عوائد الاستثمار مضمونة من حيث المردود المالي
ومن حيث تأمين مخاطره في مناخ الاستقرار السياسي المصري والبيئة القانونية
والاقتصادية الملائمة التي نتوقع أن تسود خلال الفترة القادمة.
وأشار إلى أن ذلك سيتيح للصين أيضا طرق
مجالات جديدة في مصر ودخول كل من سوقي البورصة والمال المصريين، في وقت تعد
فيه البورصة المصرية أحد أبرز البورصات الواعدة، متزامنا مع اتجاه مشروعات
الخصخصة للشركات المصرية والذي يتعزز بصفة دائمة، مبرزا في هذا الإطار حرص
الجانبين على التوصل لاتفاق بشأن الشركة المصرية - الصينية لتنمية المنطقة
الاقتصادية الخاصة بشمال غرب خليج السويس.
وأضاف أن ذلك سيستهدف جذب المزيد من
الاستثمارات الصينية إلى مصر، خاصة وأن منطقة شمال غرب خليج السويس تمثل
جزءا عزيزا من أرض مصر يرتبط بالذاكرة الوطنية لدي كل المصريين ، فضلا عن
الأهمية الإستراتيجية الفريدة وربطه بين شرق العالم وغربه وموقعه المتوسط
بين قارات العالم القديم - آسيا وأفريقيا وأوروبا.من ناحية أخرى أشاد سفير
مصر لدى بكين أحمد رزق في معرض تقييمه للأوضاع الحالية في مصر بالدور
العظيم الذي قامت وتقوم به القوات المسلحة المصرية بمبادئها وقيمها الوطنية
العتيدة في إنجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير ووقوفها إلى جانب طموحات
وتطلعات الشعب المصري في حياة جديدة ينعم فيها بالحرية والكرامة، مشيرا إلى
أن النظام السابق عطل عجلة التطور في مصر لعقود وحال دون انطلاق قدرات
الشعب المصري الهائلة مختزلا توجهاته في
أجندة ضيقة.
وأعرب السفير رزق، رغم ما تشهده مصر
الآن من بعض مظاهر عدم الاستقرار مرتبطة بالصدمة الإيجابية الكبيرة التي
يعيشها الشعب المصري بعد الثورة بالانتقال من نظام تغلب عليه المفهوم
الأمني في كل مظاهر حياة المواطنين، إلى مرحلة جديدة تطلق كل مكنونات الشعب
المصري الإيجابية، عن تفاؤله بشأن المستقبل وعودة مصر لتتبوأ المكانة التي
هي جديرة بها على الساحة الدولية.
وأعرب عن ثقته في المواطن المصري وقدرته
على المستقبل بعدما كان يعاني من غربة وإحباط بين ما وصل إليه واقع مصر
سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبين إدراكه لحقيقية ما تتمتع به
بلاده من قدرات حباها الله بها بحكم تاريخها وموقعها الاستراتيجي وشعبها
العظيم.
واختتم السفير أحمد رزق حديثه بالإعراب
عن تفاؤله بمستقبل العلاقات المصرية - الصينية في هذه المرحلة التي تستشرف
فيها مصر عهدا جديدا، موضحا أن من شأنه أن يفتح المجال لدفع العلاقات
الثنائية المصرية - الصينية المتميزة إلى آفاق أرحب، والارتقاء بها إلى
المستوى الذي يحقق طموحات شعبي البلدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق